ولد الطفل صادق روفائيل في 5 نوفمبر 1899 من أبوين مسيحيين قديسين وكانت نشأته الأولى في حي روض الفرج بشبرا مصر، وسط إحدى عشر أخ ماتوا جميعا في سن مبكرة إلا هو.
و كان أبواه ممتلئين بالروح، بسطاء، حباهم اللـه بالإيمان الحي ومخافته فكانت نعمة اللـه دائما حالة على وجوههم فتعلق بهم الطفل صادق بحب شديد فكان لا يرى فيهم منذ صباه المبكر إلا عمل اللـه معهما في صور الوداعة والمحبة والصبر والقداسة والطهارة وصلاتهم الدائمة بالشكر في كل حين ، فتيقظت مداركه على القداسة والطهارة والمحبة والإيمان من خلال قدوة والديه له الذين كان القديس يعتبرهما أساس حياته ونشأته، وكان القديس منذ طفولته يلازم والدته القديسة في القداسات الإلهية التي كانت لا تتركها وفي المساء كان دائما بصحبة والده في الاجتماعات الروحية التي كان والده لا يمل من أخذ بركة حضورها.
ورغم أن علاقته بأبيه منذ طفولته قامت وتأسست على الاحترام المتبادل وعمق الحب، إلا أنه وقف أمامه في أحد المرات ليعلمه درسا روحيا قويا يثبت لنا تكامل شخصيته ونضوج روحياته منذ حداثة عهده، ففي ليلة أحد الأعياد زار عائلته بعض من الأقارب ومعهم بعض الخمر وقدموا منها لأبيه ليشرب، فما كان من الطفل صادق البالغ من العمر حينئذ 4 أعوام، أن غمس قطعة من اللحم بقليل من الخمر وقدمها للكلب الذي في منزلهم، فتأفف من رائحتها، فصرخ الطفل في أبيه قائلا "إيه يا بابا القرف اللي انت ها تشربه ده، ده الكلب قرف من ريحتها) فانتهره الحاضرون وقالوا له "عيب يا ولد تقول لأبوك كده" فرد أبوه قائلا "صادق على حق" ورفض أن يشرب الخمر وأيضا الحاضرين معه.
حياة الشباب :
تمتع في شبابه بنبوغ غير عادى في علمه وثقافته، وكان محبا للقراءة جدا في جميع الكتب العلمية والأدبية والأجنبية متأملا في معانيها، وكان يدون في صفحاتها أفكاره الخاصة وإحساسه من جهة كل موضوع، وكان يلذ له القراءة جدا وبخاصة بعد أن يستيقظ من النوم مبكرا ويلعب قليلا من الرياضة ثم يستمتع بالقراءة التي أضافت عمقا وقوة لشخصية وترسيخا لأفكاره ومبادئه، لذلك تفوق جدا في دراسته وقت أن كان بمدرسة الأقباط الثانوية بالقاهرة.
ويبدو أن هذا القديس كان مختارا منذ البداية، وكانت كلمات النعمة والحكمة والذكاء التي تحلى بها منذ صغره تبهر الآخرين وتجذب انتباه جميع من حوله وكانوا يحبون أن يستمعوا إلى آرائه في الفلسفة والعلم وكانت من مواهبه منذ صباه انه حينما يقرأ أي كتاب يستطيع استيعاب كل ما جاء به بالكامل بعد أي وقت يمضى ويستطيع أن يسترجع كلمات كل صفحة على حدة كما لو كان يقرؤها ويذكر مواضع الكلمات والصفحات مهما طالت المدة.